مسلمو الويغور.. بأي ذنب قُتِلوا؟!
كتب علاء البشبيشي : بتاريخ 19 - 7 - 2009
مسلمو الويغور يصطَلُون بنيران التنين الصيني، فقد قُتِل منهم العشرات، واعتُقِل من بينهم المئات، وحُرِم حتى شيوخُهم من صلاة الجمعة بعد أن أُغلِقت مساجدهم؛ بحجة احتواء "الشغب".. فماذا لو كانوا مسيحيين؟! وأين إخوانهم المسلمون الذين يفوق عددهم المليار حول العالم؟! وما الذي تمثله هذه البقعة للصين حتى تُراق من أجلها الدماء، وتُرتكب بسببها المذابح؟! السؤال الرابع، الأكثر إيلامًا، هو: ماذا يعرف عامة المسلمين أصلاً عن هذه القضية؟!
إطلالاتٌ أربع على هذه المأساة..
(1)
(ماذا لو كان الويغور مسيحيين وليسوا مسلمين؟)، تساؤلٌ طرحه "جلين جرينولد"، في مقال نشرته صحيفة صالون الأمريكية جاء فيه:
فقط تخيل.. ماذا لو كان الويغور أقلية مسيحية، وليست مسلمة، تُناضل ضد النظام الشيوعي الطاغية في بكين، وتقاوم مختلف أنواع الاضطهاد، مطالِبةً بالحرية الدينية.. بالطبع كانوا سيتلقَّوْن حفاوة كبيرة.
لكنْ الويغور مسلمون، وليسوا مسيحيين، والعداء الموجَّه ضدهم يفوق، بمراحل، إمكانية تهديدهم للحكومة الصينية. وبدلاً من دعمهم وتكريمهم، أضعنا السنوات العشر الماضية في وصفهم بـ "المقاتلين الأعداء"، واحتجازهم في جوانتنامو، رغم حقيقة أنه لم يثبت يومًا أنهم يطمحون في شيء أكثر من مقاومة الاضطهاد الصيني الذي يُمارَس بحقهم.
(2)
هذا الصمت الذي يواجه به المسلمون مذابح الويغور، حَدَا بالكاتب الباكستاني طارق فتاح، الذي يعيش الآن في كندا، إلى كتابة مقال تحت عنوان (معايير المسلمين المزدوجة)، قال فيه:
خلال الأيام القليلة الماضية قُتِل وجُرِح واعتُقل مئات المسلمين في الصين. ولا غرابة أن يقوم النظام الشيوعي بذلك، لكن الغريب في الموضوع أن الشعوب الإسلامية ـ فضلاً عن قياداتها الرسمية ـ لم تُحرِّك ساكنًا، ولم تخرج إلى الشوارع، لا في القاهرة أو كراتشي أو حتى طهران، وقد بدا القادة الدينيون منهمكين وكأنهم لم يسمعوا أبدًا لصرخات المسلمين في شنجيانج. ولا غروَ، فالصين قبل كل شيء هي حليف العرب الجدير بالثقة!
وهذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها الأمة صامتة ـ تهز أكتفاها ـ حيال المذابح التي يتعرض لها المسلمون حول العالم. خلال حرب كوسوفا مع صربيا، تم التعامل مع شعب كوسوفا، ليس باعتباره ضحية، بل بوصفه جاسوسًا لأمريكا.. والقائمة تطول في هذا السياق.
هذا الخوف لم يقتصر على الدول الإسلامية وحدها، بل امتد ليغزو قلوب الويغور أنفسهم خارج الصين، حيث يخشى الويغور الذين يعيشون في استراليا من فقدان وظائفهم بسبب تظاهر 800 منهم خارج القنصلية الصينية في ضاحية توراك بمدينة ملبورن عاصمة ولاية فكتوريا الاسترالية، ضد القمع الصيني، الذي حصد حتى الآن أرواح 800 شخص، بحسب ما نقلته صحيفة ذي إيدج الاسترالية
ويغور الخارج خائفون، لكن الفارق (بينهم وبين غيرهم) أن خوفهم لم يُقعِدْهم عن نصرة إخوة لهم مضطهدين!
(3)
الصين متمسكة بموقفها المتشدد تجاه المسلمين، ويبطل العجب من ذلك إذا علمنا أن تركستان الشرقية تشغل مساحة شاسعة، تبلغ نحو مليون و850 ألف كم مربع. أي خُمس مساحة الصين، وهي تعد في الوقت الحاضر أكبر أقاليم الصين، التي احتلتها وضمتها إليها بالقوة عام 1881.
كما تزخر أراضي تركستان الشرقية في الوقت الحاضر بالثروات المعدنية والطبيعية؛ إذ تحوي في باطنها 121 نوعًا من المعادن، فهناك 56 منجمًا من الذهب وهناك النفط واليورانيوم والحديد والرصاص، كما أن هناك مخزنًا طبيعيًّا للملح يكفي احتياجات العالم لمدة عشرة قرون مقبلة حسب إحصائيات أخيرة، هذا بالإضافة إلى الثروات الزراعية والحيوانية والرعوية، حيث بلغت أنواع الحيوانات 44 نوعًا.
وتمتلك تركستان الشرقية احتياطيًّا ضخمًا من البترول ينافس احتياطي دول الشرق الأوسط، وتمتلك من الفحم ما يعادل (600) مليون طن، وبها أجود أنوع اليورانيوم في العالم، التي تُستخرج من ستة مناجم بها؛ لذا فهي عصب اقتصاد الصين وعصب صناعاتها الثقيلة والعسكرية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تُنْتَجُ في تركستان الشرقية.
(4)
ولأن الحكم على الشيء فرع من تصوُّرِهِ، ولا يمكن مناصرة قضية يجهلها من يدافع، كان لابد من هذه الإضاءات:
"تركستان" مصطلح تاريخي يتكون من مقطعين، "ترك" و"ستان"، ويعني أرض الترك، وتنقسم إلى:
"تركستان الغربية" أو آسيا الوسطى التي تشغل الثلث الشمالي من قارة آسيا، ويحدُّها من الشرق "جبال تيان شان"، ومن الغرب "جبال الأورال" و"بحر قزوين"، ومن الشمال سلاسل جبلية قليلة الارتفاع، ومن الجنوب هضبة.
تركستان الشرقية الخاضعة الآن للصين، وقد أطلق الصينيون عليها اسم "شينجيانگ"، وتعني الوطن الجديد، أو المستعمرة الجديدة، يحدُّها من الشمال الغربي ثلاث جمهوريات إسلامية هي: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان، ومن الجنوب: أفغانستان، وباكستان، ومن الشرق أقاليم التبت الصينية.
وتحتل القومية الإيغورية المكانة الأولى داخلها؛ حيث يمثِّلون النسبة الأعلى من السكان، وأما عاصمتها فهي مدينة قشغر، الواقعة في الجنوب، قرب الحدود الصينية الغربية، وهي مدينة يعتنق معظم سكانها الدين الإسلامي، ولا زالت تحتشد فيها آلافَ المساجد.
هؤلاء هم مسلمو الويغور الذين أحرقهم التنين الصيني حقدًا، وتخلى عنهم إخوانهم المسلمون تخاذلاً، فوجدوا أنفسهم بين مِطرقة القمع وسَنْدَان التجاهل، وهو ما دفع، حتى الأطفال، إلى التساؤل.. بأي ذنب يُقتلون؟!
المصدر: الإسلام اليوم
منقول بتصريف
No comments:
Post a Comment