| ولا يجرمكم شنآن قوم ألا تعدلو | شيخ الأزهر والصحابة |
د.نهى الزيني | 12-03-2010 19:19
هاجمناه حتى أوجعناه وطالبنا بعزله من منصبه وانطلقت كلماتنا في وجهه قذائف حارقة لاتناور ولاتداور إذعاناً منا لأمر قائدنا ومولانا صلى الله عليه وسلم : (والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على أيدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعن من قبلكم) ، ولقد أساء إلى الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوي وإلى مكانته من عملوا جاهدين لسنوات طويلة للقضاء على استقلال الأزهر وللعصف بعلمائه الأجلاء ثم إساءة استخدام من يستكين منهم إلى السلطان حتى أفرغوا هذا الصرح الشامخ من محتواه وأفقدوا الناس الثقة فيما يصدر عن رجاله من قول أو عمل ، ولعلنا في حملتنا على الشيخ نكون قد أعذرنا إلى ربنا وهو سبحانه وحده محاسبه عما كسبت يداه يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور . أما وقد رحل الشيخ عن دنيانا ورجع الغريب إلى دياره فانقطع العمل وآن أوان الحساب وتمزقت الأواصر مع الخلق جميعاً وبقي الرجاء في خالق الأكوان فإن المنهج النبوي القويم يأمرنا وينهانا : (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم) فنلبي طائعين ، وأشهد الله أن ماسأذكره هنا ليس من باب المجاملة أو الترحم على الشيخ الراحل وإنما هي واقعة اطلعت عليها وآن أوان إذاعتها بين الناس ... ففي صباح يوم منذ نحو ثلاثة أعوام تلقيت مكالمة هاتفية من الشيخ عبد الرحمن يعقوب وهو عالم أزهري فاضل أوقف حياته للدفاع عن السنة ومحاربة البدع وله محاضرات ومراجع مهمة في هذا الشأن ، وكان الشيخ غاضباً بشدة وسألني إن كنت قد شاهدت برنامج العاشرة مساء في الليلة الماضية فأجبته بالنفي فأخبرني أن الحلقة كانت مخصصة لموضوع التقريب بين السنة والشيعة واستضافت رجل دين شيعي إيراني وشيخ أزهري مشهور من المسئولين عن التقريب بين المذاهب وأن الشيخ الأزهري تطاول على الصحابي الجليل عمرو ابن العاص ونعته بأشنع الصفات ، واجتاحني بدوري غضب شديد فأبلغته بأنني سأقوم بالاتصال بالمذيعة المتميزة منى الشاذلي وأقترح عليها استكمال طرح الموضوع مع تقديم وجهات النظر المختلفة ، وقد حدث هذا بالفعل ورحبت السيدة منى الشاذلي بالفكرة وجرى إعداد حلقة عن موضوع السنة والشيعة تم خلالها استضافة الشيخ عبد الرحمن يعقوب بالإضافة إلى ضيفي الحلقة السابقة رجل الدين الشيعي والشيخ الأزهري المسئول عن التقريب بين المذاهب وأحد المتشيعين المصريين المعروفين ... وأود قبل التنويه عما حدث في البرنامج أن أشير إلى أن الشيخ يعقوب أخبرني أثناء مهاتفة الصباح أنه سيتوجه رأساً إلى الشيخ طنطاوي للشكوى له من إساءة المسئول عن التقريب بين المذاهب إلى عمرو ابن العاص وأن واجبه أن يفعل ذلك رغم اعتراضه على كثير من مواقف شيخ الأزهر ، والحقيقة أنني لم أكن متحمسة لهذا ولكني قلت لابأس فعليه على الأقل أن يعرف ! وفي مساء اليوم ذاته تلقيت مكالمة أخرى من الشيخ يعقوب وكان صوته مبتهجاً وهو يروي لي مادار بينه وبين الشيخ طنطاوي في الصباح ... أخبرني الشيخ يعقوب أنه توجه غاضباً إلى شيخ الأزهر ليشكو له وفي داخله شعور بأنه لن يحرك ساكناً وسيكتفي على الأكثر بترديد كلمات هادئة لاتغني ، لكن المفاجأة أن شيخ الأزهر بمجرد سماعه لما حدث في البرنامج انتفض غاضباً وقد احتقن وجهه حتى كاد الدم يتفجر منه وعلا صوته وهو يهدد ويتوعد كل من يسئ إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ يضرب كفاً بكف وهو يردد : يسيئون إلى سيدنا عمرو ابن العاص وفضله علينا وعلى آبائنا جميعاً ؟ وقد توالت الأحداث خلال اليومين التاليين بسرعة ففي اجتماع مجمع البحوث الإسلامية الذي يرأسه الشيخ طنطاوي والشيخ المسئول عن التقريب بين المذاهب عضو فيه علمت أن شيخ الأزهر هاجم بشدة من يسيئون إلى الصحابة وأحرج الشيخ المتطاول على طريقة "مابال أقوام" وعندما اتصل به الشيخ يعقوب وأخبره بأن حلقة ثانية من برنامج العاشرة تم الإعداد لها تحمس شيخ الأزهر وأوصى الشيخ يعقوب بألا يتهاون في الرد على من يسئ إلى الصحابة قائلاً له : "إديهم ياشيخ عبد الرحمن على دماغهم إلا الصحابة" ، وهكذا جاءت الحلقة على أفضل مايكون وإذ بالشيخ الأزهري الذي تطاول قبل يومين فقط على عمرو ابن العاص يعود – بفضل موقف شيخ الأزهر الحاسم في مواجهته – إلى رشده فيقرر أمام ملايين المشاهدين أن من يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لايدخل في عداد المسلمين . لم أنس أبداً تلك الواقعة لكن ذكراها تجسدت أمامي حين علمت أن مشيئة الله سبحانه وتعالى قضت بأن يُدفن شيخ الأزهر الراحل في المدينة المنورة وأن يجاور قبره في البقيع قبور الصحابة الكرام رضوان الله عليهم الذين غضب في حياته للإساءة إليهم وقال فيهم قولة كريمة : "احترام صحابة النبي صلى الله عليه وسلم واجب ديني ومن سبهم خارج عن الدين والإسلام برئ منه" فاغرورقت عيناي بالدمع وأنا أتأمل قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره) ، فاللهم اغفر لعبدك محمد سيد طنطاوي وتجاوز عن سيئاته وأسكن روعه يوم الفزع الأكبر واحشره يامولاي مع من أحب ووقر من صحابة نبيك صلى الله عليه وسلم .. آمين
| | |
Hotmail: Powerful Free email with security by Microsoft.
Get it now.
Your E-mail and More On-the-Go. Get Windows Live Hotmail Free.
Sign up now.
No comments:
Post a Comment