اعجبتنى كتابات بعض علماء المسلمين الاوائل عن قيمة عزلة النفس من الحين للأخر بعد روتين يومى مشحون بالعمل و الشد و الجذب و بعيدا عن فوضى المجتمع ، فيقول احدهم فى فضل اختلاء المرء بعقله ( فيها نسلم من كدر الغيبه و آفات التصنع و تضييع الوقت والرياء و النفاق ، ثم يضيف ففيها يخلو القلب (بالفكر ) لتدبر امر دنياه و اخرته و التفكر فى ما مضى من أحداث )
لذلك قالوا : " بَلَغَنَا أَنَّ الْحِكْمَةَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ : تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ , وَالْعَاشِرَةُ فِي عُزْلَةِ النَّاسِ " .
وهنا اود ان اوضح نقطه مهمه ، ان المقصود هنا بعزله النفس هو اغتنام فترات خلال اليوم يصفى الانسان منا ذهنه دون ان يؤثر ذلك على منافع الاختلاط الطبيعى مع البشر كسبا للرزق و للتعلم او لنشر العلم و خدمه الناس .
على أن الخُلطة بين الناس قد تؤدي أيضا لضياع الوقت. وهذه من أكبر الآفات التي يمكن أن تنجم عن الاختلاط بين الناس. ولنا في السلف أسوة حسنة بما كان منهم في سبيل المحافظة على أوقاتهم من الضياع فيما لا طائل من ورائه.
قال النووى رحمه الله :
" فِيهِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ، وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ "
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ) .
فمما لاشك فيه ان ديننا الحنيف يوجهنا الى فضل مخالطه المتميزين من اهل الخير و الاخلاق و العلم لما فيه من اثراء الروح و العقل و القلب بما ينفع .
ولذلك نجد احد علماء اهل السنه و الجماعه ومن اعلام التصوف السنى ( احمد بن عجيبه ) يقول كلمات جميله
(العزلة عن الناس عزلة الضعفاء ،العزلة بين الناس عزلة الأقوياء.)
و كما قال ابن الجوزى داعيا : ( نسأل الله عز و جل خلوه حلوه و عزله عن الشر يستصلحنا فيها لمناجاته و يلهم كل منا طلب نجاته انه قريب مجيب . امين
No comments:
Post a Comment